ومن هذا استمد صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعوتهم إلى تحريم زواج المحارم، وتحديد الحلال من الحرام في هذا الأمر، وكان من ذلك دعوة عمرو بن مرة الجهني - رضي الله عنه - عندما دعا قومه فكان فيما قال لهم:"إن الله جعلكم خيار من أنتم منه، وبغَّض إليكم في جاهليتكم ما حبَّب إلى غيركم من العرب، فإنهم كانوا يجمعون بين الأختين ويخلف الرجل على امرأة أبيه"، وفي هذا استنكار لما تقوم به العرب وبيان لما يدعو إليه الإسلام من تحريم الزواج من الأخت وامرأة الأب.
وأيضاً ما ذكره العلاء بن الحضرمي - رضي الله عنه - للمنذر بن ساوى عندما قال له عن دين المجوسية:"وينكحون ما يستحيا من نكاحه"، وكان المجوس يحلون زواج الأخ بالأخت، وفيه بيان أن الإسلام يحرم نكاح الأخت، وبذلك كانت دعوتهم - رضي الله عنهم - إلى إثبات شريعة الزواج في الإسلام، وإيضاح حلاله من حرامه.
٦ - دعوة الصحابة - رضي الله عنهم - إلى تحية الإسلام بدلاً من تحية الجاهلية:
"السلام عليكم ورحمة الله" هي تحية بني آدم، وتحية الإسلام، وتحية أهل الجنة التي أمر الله - سبحانه وتعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - باتباعها، واستبدال تحية الجاهلية بها، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"خلق الله آدم وطوله ستون ذراعاً، فلما خلقه قال: اذهب فسلِّم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله"(١)، وقد ذكر الطبراني في "المعجم الكبير" في قصة عمير بن وهب الجمحي
(١) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم وذريته، رقم ٣٣٢٦، ص ٥٥٢.