تُعد الصداقة من الأمور الجميلة الموجودة بين البشر لما فيها من خصائص لا تجتمع إلا فيها، كالإخلاص والإيثار والصدق والثقة والنصح وغيرها، يقول ابن رشد عن الصداقة:"هي أن يكون الإنسان يهوى الخير لإنسان آخر من أجل ذات ذلك الإنسان لا من أجل ذات نفسه، وأن تكون له قوة وملكة يفعل بها الخير له، والمصادقة هي أن يكون كل منهما من صاحبه بهذه الحال"(١).
وبهذا نجد أن الصديق له تأثير على صاحبه، وقد يقبل منه ما لا يقبل من غيره؛ ولذلك قام عبدالله بن رواحه - رضي الله عنه - بناءً على معرفته لما بينه وبين أبي الدرداء من صداقة وأخوة في الجاهلية، بتحطيم صنم أبي الدرداء، حتى يثبت له أنه لا يضر ولا ينفع، وهو يعلم أن الأخوة والصداقة التي بينهم سوف يكون لها أثر في قبول أبي الدرداء لهذا الفعل، ولو أن هذا الفعل أتى من غيره لكانت ردة فعله مختلفة، فكان لابن رواحة ما توقعه، وأسلم أبو الدرداء - رضي الله عنهما -، وكان للصداقة أثر في ذلك. وفي قصة أبي ذر وحويطب شاهد آخر على أثر الصداقة، إضافة إلى عمل المعروف؛ لأن أبا ذر وحويطباً كان بينهما خلة في الجاهلية، كما قال حويطب - رضي الله عنه -: "وكانت بيني وبينه خلة، والخلة أبداً مانعة".
وإحساس الصداقة يجعل الداعي يتشجع لأن يدعو صديقه؛ لأن الصداقة سوف تكون مانعاً من حدوث أي مكروه أو خطر، بالإضافة إلى أنها سوف تكون