خديجة - رضي الله عنها - فقال لها: (زملوني زملوني (، ثم أخبرها الخبر، فقالت له:"كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"(١)، فالأوصاف التي ذكرتها أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - جميعها من صنائع المعروف، ومن هذا كان - صلى الله عليه وسلم - قدوة لأصحابه الذين ساروا على نهجه، وقد علم الصحابة - رضي الله عنهم - أن عمل المعروف لا يضيع عند العرب، فأرادوا أن يستخدموه في أمور تخدم الإسلام، وتنجي الناس من النار.
ومن ذلك قصة إسلام حويطب بن عبدالعزى على يد أبي ذر - رضي الله عنهما - عندما أمَّنه أبو ذر وأمَّن عياله من القتل يوم الفتح، وبلَّغه منزله، ثم عاد إليه أبو ذر فقال له: حتى متى وإلى متى؟ قد سُبقت في المواطن كلها وفاتك خير كثير، وبقي خير كثير، فَأْتِ رسول الله وأسلِم تسلم، فأسلم حويطب بدعوة أبي ذر.
وهنا نجد أن أبا ذر - رضي الله عنه - قد عمل معروفاً في حويطب بن عبدالعزى - رضي الله عنه - فكان ذلك سبباً في عرض الإسلام عليه ودعوته له؛ لأن المدعو هنا لديه إحساس أن عليه أن يستمع إلى الداعي رداً للجميل، فاستشعر أبو ذر - رضي الله عنه - ذلك فدعا حويطباً إلى الإسلام مما كان له أثر في الاستجابة.
(١) صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقول الله جل ذكره: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ}، رقم ٣، ص ١.