وكانت معرفة أصحابه - رضي الله عنهم - لمن يدعونهم سبباً في إسلام كثير منهم، فهذا أسعد بن زرارة يعرِّف مصعب بن عمير بمكانة أسيد بن الحضير وسعد بن معاذ، وأن إسلامهما سوف يكون له أثر في إسلام قومهما، وقد كان ذلك.
كما أن معرفة الصحابة لدين المشركين، وطريقة عبادتهم، وماهية آلهتهم كان لها الأثر الكبير في طريقة إقناعهم، وعرض الإسلام عليهم؛ لأنهم خبروا الشرك وأهله، فطريقة معاذ بن جبل ومعاذ بن عمرو بن الجموح في التعامل مع صنم عمرو بن الجموح فيه بيان لعدم قدرة هذا الإله الدفاع عن نفسه، وكذلك ابن رواحة وأبو الدرداء وتعامل سلمان الفارسي مع الفرس، ودعوتهم بلغتهم، وبيان وضعه في الإسلام، وما قام به العباس بن عبدالمطلب مع أبي سفيان، ومعرفته أنه خائف من المسلمين جعله يغتنم ذلك في دعوته إلى الإسلام، والمواقف والشواهد كثيرة.
فمن هذا نجد أن معرفة الداعي لطبيعة المدعو والإلمام بها فيها من الفوائد من إزالة الحواجز وإبعاد الوحشة والتقرُّب إليه، وموافقته فيما يميل إليه من المباحات بما يكون سبباً في التأثير عليه، وإقناعه للدخول في الإسلام.
الفائدة السابعة: أن اختلاط الداعي بالمدعوين مهمٌّ للقيام بالدعوة:
إن من الفوائد في منهج دعوة الصحابة للمشركين بيان فائدة اختلاط الداعي بمن يدعو ومعايشتهم؛ لأن من البديهي أن الداعية هو من يبحث عن المدعو، وليس العكس؛ لذا ينبغي عليه غشيان أماكن المشركين بغرض الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.