للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن إجارة أم هانئ - رضي الله عنها - لرجل أراد أن يقتله علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عندما قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ((١) تنطبق عليها الآية السابقة من إجارة المشركين، كما كان لإجارتها أثر على من أجارت في أن يبقى بين المسلمين ومن ثم يدخل الإسلام؛ وقيل إنه الحارث بن هشام.

وفي هذا نجد أن أبا ذر وأم هانئ - رضي الله عنهما - قد طبقا ما ورد في الآية السابقة وذلك في قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، قال القرطبي: "من الذين أمرتك بقتالهم" (٢)، فكان حويطب والحارث بن هشام من المشركين المقاتلين، وقوله تعالى: {اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} فقد طلبوا الاستجارة بالصحابة فأجاروهم مما أدى إلى تأمين الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أجارا، وقوله تعالى: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} فقد دعا أبو ذر حويطباً للإسلام فأجابه وسمع كلام الله من الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

[و) الشاهد السادس: قتال المشركين من أجل الدعوة]

قال تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣)، وقال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (٤). وهذا ما قام به علي بن أبي


(١) صحيح البخاري، كتاب الجزية، باب أمان النساء وجوارهن، رقم ٣١٧١، ص ٥٢٨.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، الجزء الثاني، المجلد الرابع، ص ٣١٠.
(٣) سورة التوبة، الآية: ٥.
(٤) سورة الأنفال، الآية: ٣٩.

<<  <   >  >>