للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأساس الثاني: سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -]

إن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعد هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الرئيسة للإسلام، ولها تعريفات متعددة حسب المعرف والغرض من التعريف، إلا أنها جميعها ترتبط بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في جميع أحواله، ومن هنا كانت سنته - صلى الله عليه وسلم - أساساً للدعوة إلى الله تعالى، وإلى دينه، وبذلك فإن ما قام به الصحابة من دعوة للمشركين لا يعدو أن يكون قبساً من قبسات النبوة التي أضاءت لهم، وكانت هي النور الذي يمشون فيه، ويهتدون به. ومن هذا الأساس سوف نوضح مدى ترابط سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما قام به صحابته في دعوة المشركين، وذلك من خلال دراسة شواهد من دعوتهم - رضي الله عنهم -، وما يربطها بالسنة النبوية المتعلقة بالرسول - صلى الله عليه وسلم -.

[أ) الشاهد الأول: تعلم القرآن والدعوة به]

عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه ((١). وهذا مصعب بن عمير - رضي الله عنه - تعلم القرآن وأصبح يدعو به ويعلمه الناس، وذلك عندما أرسله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وكان يسمى بالمدينة بالمقرئ (٢)، وعندما حضر إليه أُسيد بن حضير متشتماً ومهدداً دعاه مصعب إلى أن يجلس ويسمع منه، وذكر ابن هشام: أن مصعب بن عمير قال له: أو تقعد فتسمع فإن رضيت أمراً قبلته، وإن كرهته كف عنك ما تكره؟ قال: أنصفت، ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام، وقرأ عليه القرآن، فقالا فيما


(١) صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، رقم ٥٠٢٨، ص ٩٠١.
(٢) انظر: أسد الغابة، ابن الأثير، ٤/ ١٣٤.

<<  <   >  >>