للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاتم عن محمد بن عثمان المخزومي أن قريشاً قالت: قيضوا لكل رجل من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يأخذه، فقيضوا لأبي بكر طلحة بن عبيد الله فأتاه وهو في القوم فقال أبو بكر: إلام تدعوني؟ قال: أدعوك إلى عبادة اللات والعزى، قال أبوبكر: وما اللات؟ قال: أولاد الله، قال: وما العزى؟ قال: بنات الله، قال أبو بكر: فمن أمهم؟ فسكت طلحة فلم يجبه، فقال لأصحابه: أجيبوا الرجل، فسكت القوم، فقال طلحة: قم يا أبا بكر أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله (١)، فأراد أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - هنا أن يبين للمشركين كيف يكون لله ولد أو بنت ولم يكن له زوجة، وكأنه بذلك يقرأ عليهم قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ}، يقول ابن كثير: "كيف يكون له ولد والولد إنما يكون متولداً من شيئين متناسبين والله تعالى لا يناسبه ولا يشابهه شيء من خلقه لأنه خالق كل شيء فلا صاحبة له ولا ولد" (٢). فكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يخاطب المشركين على قدر أفهامهم وأنه إن لم يكن هناك أم للولد أو زوجة لله -تعالى الله عما يقولون- فكيف يكون هناك ولد في الأصل، وهذا ما قالته الجن أيضاً في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} (٣)،

كما أن الله - سبحانه وتعالى - يرد عليهم بقوله تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (٤).


(١) انظر: فتح القدير، الشوكاني، ٤/ ٥٤.
(٢) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٦/ ١٢٢.
(٣) سورة الجن، الآية: ٣ ..
(٤) سورة الصافات، الآيتان: ١٥١ - ١٥٢.

<<  <   >  >>