للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم، قالوا: فينا السقاية، قلنا: نعم، ثم أطعموا وأطعمنا حتى إذا تحاكّت الركب، قالوا: منا نبي، فلا والله لا أفعل (١).

فكان حسد أبي جهل للنبي - صلى الله عليه وسلم - حائلاً دون إسلامه، وهو يعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - على حق، يقول الماوردي: "إن من دواعي الحسد أن يظهر من المحسود فضل يعجز عنه فيكره تقدمه فيه، واختصاصه به، فيثير ذلك حسداً لولاه لكف عنه، ولا يحسد الأكفاء من دنا وإنما يختص بحسد من علا، وقد يمتزج بهذا النوع ضرب من المنافسة، ولكنها مع عجز فلذلك صارت حسداً" (٢)، وذلك ما حصل من الملأ من المشركين، فعندما عجزوا عن المنافسة حسدوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته.

[٣ - دعوة الصحابة - رضي الله عنهم - للملأ]

كان للصحابة - رضي الله عنهم - مع المدعوين من ملأ المشركين مواقف عدة تجلت فيها حكمة وبراعة الصحابة - رضي الله عنهم - في إدارة تلك المواقف بما يكسبهم إسلام أعضاء جدد، وانضمامهم إلى دائرة الإسلام مع عدم مخالفة تعاليم الإسلام، وقد انقسم الملأ من المشركين في الدعوة إلى قسمين: الأول منهم: معاند متجبر، والثاني: الحكيم المتفاهم، ولكل قسم من هذه الأقسام طريقة يختلف بها عن الآخر، وقد أعطى الصحابة - رضي الله عنهم - كل قسم ما يستحقه من الدعوة بالطريقة المناسبة له، وذلك كالآتي:


(١) انظر: السيرة النبوية، ابن إسحاق، ص ٢٤٥.
(٢) أدب الدنيا والدين، الماوردي، ص ٢٧٩.

<<  <   >  >>