للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها على سبيل المثال ما حصل من الحارث بن ضرار الخزاعي عندما أسلم فكان أول طلب طلبه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو أن يعود إلى قومه يدعوهم (١)، وما قام به الفوج الأول من الأنصار في دعوة من استطاعوا مع أنه لم يكن للرسول - صلى الله عليه وسلم - عليهم سلطة في الدنيا، كما أنه لم يكن هناك لهم منها فائدة دنيوية يتقاضونها مقابل عملهم ذلك، إنما كما أسلفنا إيمان راسخ جعلهم يرون ما لا يمكن رؤيته من نعيم الجنة الذي أُعِدَّ لهم فصدقوا الله فصدق منهجهم، وبلغ الآفاق، وكانت له ميزة وخاصية عن غيره من المناهج.

[الخاصية السادسة: هو أول منهج للدعوة في تاريخ الإسلام بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم -]

بحكم كون الصحابة - رضي الله عنهم - هم النواة الأولى للإسلام، وهم البناء الذي قامت عليه أمة الإسلام، فكانوا السابقين الأولين، ولم يسبقهم أحد من العالمين، فإن ذلك جعل منهجهم منهجاً فريداً في عصره، فهو متبوع لا تابع؛ لأنه لا يوجد منهج سابق يستمد الصحابة منهجهم منه، ولم يكن امتداداً لأقوام قبلهم، إنما كانوا هم الأوائل، فاستمد مَن بعدهم مناهجهم من منهج الصحابة، وساروا على أثرهم، فكان منهجهم دليلاً لما بعده، وقائداً لما تبعه، ومضيئاً لطريق المناهج السليمة اللاحقة التي سارت على طريق الحق، فقد جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه هم السنة بعده، وذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فعليكم


(١) انظر: المسند، الإمام أحمد، أول مسند الكوفيين، حديث الحارث بن ضرار الخزاعي، رقم ١٨٦٥، ٦/ ٢٩٩. حديث صحيح (الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، المجلد السابع، القسم الأول، رقم ٣٠٨٨، ص ٢٣٠).

<<  <   >  >>