للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بداية الأمر بيئة شرك وكفر وأوثان وأنصاب وأزلام، ونشؤوا - رضي الله عنهم - فيها، إلا أن ذلك لم يمنعهم من أن يكونوا حملة لواء الدعوة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعده، بل إن الوضع جعلهم يتبنون الإصلاح ويتحملون أعباء ومشاق الدعوة، هذا فيما يخص البيئة الفاسدة. أما البيئة الصالحة فهي بيئة تنشئ دعاة وتربيهم، وهو ما كان من بيئة المدينة المنورة بعد هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليها، واجتماعهم حوله في مسجده، وسماع حديثه - صلى الله عليه وسلم -، وتناقله بينهم، وخصوصاً فيما له علاقة بفضل الدعوة، فقد أنشأ ذلك دعاة يرجون ما عند الله مقابل الفوز بهداية الناس، فمنهج الصحابة - رضي الله عنهم - دليل على أن البيئة المحيطة أياً كان وضعها هي سبب في صناعة ونشأة الدعاة.

[الفائدة الرابعة: أنه على الداعية تزويد نفسه بما يحتاج من علم قبل أن يدعو]

إن طلب العلم أساس من أساسيات الدين الإسلامي بشكل عام، وقد فضَّل الله أهل العلم على غيرهم، قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (١)، وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (٢)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما من رجل يسلك طريقاً يطلب فيه علماً إلا سهَّل الله له به طريق الجنة" (٣)، وإذا كان هذا فضل العلم لعامة الناس، فكيف لمن يدعو به؛ لذلك وجب على الداعية التعلم والتزود


(١) سورة المجادلة، الآية: ١١.
(٢) سورة الزمر، الآية: ٩.
(٣) سنن أبي داود، أول كتاب العلم، باب فضل العلم، رقم ٣٦٤٣، ص ٥٢٣. حديث صحيح (الألباني، صحيح الجامع، رقم ٥٧١٥، ٢/ ٩٩٦).

<<  <   >  >>