للإسلام، وأنهم كمن رأى غريقاً فإما أن ينقذه وهو يستطيع، أو يتركه يهلك، وثانياً: مدى أهمية إنقاذ الغريق، فكذلك المدعو وأهمية الدعوة له وإن لم يعِ ذلك في البداية.
[٣ - أهمية الدعوة في نشر الإسلام وعزته]
إن حمل همِّ الإسلام بشكل عام، وهمِّ نشره وإيصاله إلى أصقاع الأرض وقيام دولته لهو الهمُّ الأكبر والأسمى لمن ينتمي إلى هذا الدين؛ لأنه بذلك يخدم الأفراد والمجتمعات، ويقوي شوكة الإسلام، وذلك ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد قيام الدولة الإسلامية في المدينة، وإرسال الرسل إلى ملوك الأرض، والدعاة إلى أنحاء الجزيرة العربية، مما نشر الإسلام في جزيرة العرب في حياته - صلى الله عليه وسلم -، ولولا أهمية ذلك لاقتصر - صلى الله عليه وسلم - على نشر الإسلام في المدينة فقط وما حولها، وقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن هذا الدين سوف ينتشر، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (ليبلغن هذا الأمر مبلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عز يعز الله به الإسلام ويذل به الكفر ((١).
لذلك يكون من إعداد الداعية إيمانه بانتشار هذا الدين، ودخوله جميع بيوت الأرض، وفي ذلك دافع للقيام بالدعوة، وهو ما حصل في زمن الصحابة - رضي الله عنهم - حيث إنهم انتشروا في المشرق والمغرب لنشر هذا الدين، ولو تأملنا التاريخ الإسلامي لوجدنا أن جميع جيوش المسلمين التي خرجت في عصر صدر الإسلام كانت
(١) المستدرك على الصحيحين، الحاكم، كتاب الفتن والملاحم، رقم ٨٤٩٧، ٥/ ٣٤٥. حديث صحيح (الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، المجلد الأول، القسم الأول، رقم ٣، ص ٣٢).