للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوضح الله - سبحانه وتعالى - أثر اللطف واللين في تأليف قلوب الناس، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (١)، ففي هذه الآية بيان أنَّ اللين واللطف هو من الرحمة التي أعطاها الله العباد، وأن ذلك سبب في التفاف الناس حول الدين، كما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" (٢). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من يحرم الرفق يحرم الخير" (٣)، فربط الرفق بالخير، وأي خير كاستجابة المدعو لدعوة الداعي.

وهنا نجد أن الصحابة استخدموا اللين والرفق في الدعوة؛ ليبينوا أن الإسلام دين رفق ولين ولطف، فقد وضح ذلك في مواقف كثيرة منها موقف مصعب بن عمير عندما أتاه أسيد بن الحضير حاملاً حربته متشتماً فما كان من مصعب - رضي الله عنه - إلا أن ألان له القول وقال له: "أو تجلس فتسمع؟ فإن رضيت أمراً قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره"، فكان لردة فعل مصعب تأثير على أسيد - رضي الله عنه -، وفيها بيان أن هذا الدين يدعو إلى الرفق واللين وحسن الخطاب وعدم الشدة والقسوة.

[٢ - الرحمة في دعوة الصحابة - رضي الله عنهم -]

في الرحمة مراعاة لحاجات النفس البشرية واستمالتها، وذلك حتى لا تنفر عن الخير وتبتعد عنه، ومن أخلاق هذا الدين الرحمة التي يدعو إليها، فقد


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٥٩.
(٢) صحيح مسلم كتاب البر والصلة، باب الرفق، رقم ٦٠٢، ص ١١٣٣.
(٣) المرجع السابق، رقم ٦٥٩٨، ص ١١٣٢.

<<  <   >  >>