من المتعارف عليه أن الأقوى يفرض ما يدعو إليه بالقوة على من هم أضعف منه، إلا أن سماحة الإسلام جعلت الدخول في الإسلام بالرغبة وعدم الإكراه، وإنما يجب على المسلمين توضيح الإسلام لغيرهم، قال تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}(١)، وقد حدث للصحابة - رضي الله عنهم - مواقف كثيرة دعوا فيها وهم في موضع قوة وعزة، وذلك أنهم استشعروا من أنفسهم أنه بإمكانهم في تلك الساعة أن يدعوا فيستجاب لهم، وأن لا يستخدموا القوة أولاً، ومن هذا ما كتبه خالد بن الوليد إلى مرازبة أهل فارس وإلى رستم وهرمز، ودعوته لهم بالإسلام قبل أي خيار آخر، والإيضاح لهم أنه يتحدث من قوة وذلك في قوله في أحد كتبه:"قد أتيتكم بأقوام هم أحرص على الموت منكم على الحياة".
وكذلك مسلم بن الحارث التميمي - رضي الله عنه - عندما أرسله الرسول - صلى الله عليه وسلم - في سرية، يقول مسلم: لما بلغنا المغار استحثثت فرسي وسبقت أصحابي، فقلت للقوم: قولوا لا إله إلا الله تحرزوا، فقالوها فلم يؤذوا.
فالإحساس بالقوة واستشعارها من قِبل الداعي واستخدامه لها في الدعوة والتلطف هي قوة له وميزة يتميز بها داعٍ عن آخر، وذلك ما أحس به صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن ثم قاموا باستخدامها.