للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكاستماع المشركين للرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما أن سماع الحق ومعرفته من رجاحة العقل، ومن الواجب الأدبيِّ اتباعه، وعدم الإعراض عنه، كما كان من العلاء بن الحضرمي عندما دعا المنذر بن ساوى وأخبره عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "والله لا يستطيع ذو عقل أن يقول: ليت ما أمر به نهى عنه، أو ما نهى عنه أمر به، أو ليته زاد في عفوه، أو نقص من عقابه"، إن كل ذلك منه على أمنية أهل العقل وفكر أهل البصر (١). كما أن من الواجبات على كل شخص السؤال عن كل ما يجهل وعدم الاقتناع بالجهل، ومن ذلك السؤال عن الإسلام، فكم من مشرك سأل عن الحق واستبانه، وكان سؤاله سبباً في إسلامه، مثل الطفيل بن عمرو الدوسي حيث لم يقنع بما يُقال له بل ذهب بنفسه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسأله وعرف الحق، فالحقُّ أحقُّ أن يتبع.

فما يستفاد من منهج الصحابة - رضي الله عنهم - بيان أن على المدعوين واجبات مقابل ما لهم من حقوق، وأنها تنطبق على كل مدعو من البشر.

[الفائدة الثالثة: بيان اختلاف طرق التعامل مع المدعوين باختلاف أحوالهم]

إن اختلاف الناس واختلاف أحوالهم يحكم اختلاف طرق التعامل معهم، وطريق دعوتهم، فالناس والشعوب والأديان والأحوال والأوضاع تختلف وتتمايز عن بعضها، وما يصلح لهؤلاء قد لا يصلح لأولئك، فكل له ميزانه الخاص الذي يزن به الأمور، وله نهجه الخاص الذي يتعامل به مع الحياة؛ لذلك كان


(١) انظر: الروض الأنف، السهيلي، ٧/ ٥٢٠.

<<  <   >  >>