رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" (١). وذلك كان ديدن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتماس رضا الله بالوضوح والصراحة، ولو كان ذلك لا يوجد له قبول لدى المشركين، إلا أن الله سبحانه - رضي الله عنهم - وأرضى المدعوين -ممن فتح الله على قلوبهم- عنهم بقبول الدعوة؛ فكان للصراحة والوضوح دور كبير في نشر الدعوة، بخلاف ما عليه كثير من الأديان والمذاهب الضالة، بأن يكون هناك أمور لا تظهر ولا تعرض على العامة بل هي خاصة بأشخاص معينين، وكأن الدين فيه خاص وعام.
[الخاصية الثامنة: قرب العهد بالشرك ومعرفتهم بالتعامل مع المشركين]
إن جُلَّ الصحابة عدا من ولد في الإسلام هم في الأصل مشركون أو كتابيون، فخروجهم من دينهم القديم ودخولهم في الإسلام جعل لديهم خبرة في طريقة التعامل مع المشركين ومعرفة طريقة تفكيرهم، فيما يهمهم من الدعوة والخلل في دينهم ونقاط الضعف لديهم، وذلك كان له الأثر الكبير في دعوتهم، فتجدهم يحاجُّون أقوامهم بما يعرفه الطرفان، ولا يستطيعون إنكاره، فيبينون الخلل لهم وعوار مبادئهم، ويثيرون فيهم ما لم يقتنعوا به أصلاً. فنجد في خطاب عمرو بن مرة الجهني - رضي الله عنه - لقومه معرفة وخبرة، فقد قال لهم: (أدعوكم إلى الإسلام وحقن الدماء وصلة الأرحام وعبادة الله وحده، ورفض الأصنام (،
(١) صحيح ابن حبان، كتاب البر والإحسان، باب الصدق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، رقم ٢٧٦، ١/ ١٧٧. حديث صحيح (الألباني، التعليقات الحسان، رقم ٢٧٦، ١/ ٣٢٩).