للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استمر الصحابة على هذا النهج ولم يكونوا يستعجلون النتائج؛ لأنها قد تتأخر أو قد تأتي بعد وفاة الداعي أحياناً، وبهذا كان منهج الصحابة منهج مثابرة وإصرار، وعدم استعجال للنتائج، وذلك ما ينبغي أن يكون عليه الدعاة، وأن يجعلوه منهجاً لهم.

الفائدة السادسة: إزالة الصعوبات بتعرُّف الداعي على طبيعة المدعوين من جميع النواحي:

إن التعرف على طبيعة شخص ما يؤدي إلى التعرف على كيفية التعامل معه، وذلك بمعرفة خصائص وطبائع ذلك الشخص، وذلك ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدركه في التعامل مع المشركين، وصحابته - رضي الله عنهم - يشاهدون ويتعلمون منه، ففي بداية دعوته - صلى الله عليه وسلم - كان يعرض نفسه على القبائل، وكان يأخذ معه أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - ليعرِّفه بالقبائل؛ لأنه كان نسَّابة يعرف أنساب العرب ومنازلهم وأيامهم (١). كما أنه - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية عندما أتى رجل من كنانة (٢) أرسلته قريش للرسول قال - صلى الله عليه وسلم -: "هذا فلان وهو من قوم يعظِّمون البدن فابعثوها له"، فبعثت له واستقبله الناس يُلبُّون فلما رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يُصَدُّوا عن البيت (٣). فمعرفة الرسول للقوم جعلته يعرف كيف يتعامل معهم.


(١) انظر: جامع الأصول في سيرة الرسول، ابن كثير، ص ٢٥٠.
(٢) الرجل هو الحليس بن علقمة، وهو أحد بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة، وهو سيد الأحابيش. (انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، ٢/ ٢٦٦).
(٣) صحيح البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، رقم ٢٧٣١، ص ٤٤٧.

<<  <   >  >>