للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك لم يثنه عن دعوته وبقائه بينهم، ومثابرة مصعب بن عمير على دعوة أمه، وهي ترده وتؤذيه، وقد أوذي الصحابة - رضي الله عنهم - في أنفسهم وفي أهليهم وأموالهم، إلا أن ذلك لم يثنهم عن الدعوة. والابتلاء على الحق موجود منذ أن خلق الله آدم، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (١)،

فهذه سنة الله في خلقه ليمحِّص الحق، يقول الشيخ السعدي: "سنته وعادته في الأولين وفي هذه الأمة أن يبتليهم بالسراء والضراء، والعسر واليسر، والمنشط والمكره، والغنى والفقر، وإدالة الأعداء عليهم في بعض الأحيان، ومجاهدة الأعداء بالقول والعمل، ونحو ذلك من الفتن" (٢).

فلم يكن الصدُّ عن سبيل الله ومقاومة الدعوة عند الصحابة إلا سبباً في الإصرار والمثابرة والعزيمة على أن يبلِّغوا دين الله.

كما أن الاستعجال على النتائج لم يكن من المنهج الصحيح، فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "كان الرجل فيمن قبلكم يُحفَر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيُشقُّ باثنتين وما يصدُّه ذلك عن دينه، ويُمشَّط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصدُّه ذلك عن دينه، والله ليُتِمَّن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون" (٣).


(١) سورة العنكبوت، الآية: ٢ ..
(٢) تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ٧٣٤.
(٣) صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم ٣٦١٢، ص ٦٠٦.

<<  <   >  >>