للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عني يا أبت فلست منك ولست مني، قال: ولِمَ يا بني، قال: أسلمت وتابعت دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال: أي بني، فديني دينك. هنا كان على الطفيل أولاً أن يوضح لأبيه أن الدين فرق بينهما وأنه هو ما يجمع بينهما، مما دفع أباه إلى اعتناق الإسلام للبقاء على علاقته بابنه.

[٢ - معاتبة الأخ وعذله وإظهار الشفقة عليه]

إذا كانت علاقة القرابة والنسب من الروابط التي تربط الدعاة ببيئاتهم فإن علاقة الأخوة تربط الدعاة بالمدعوين، وهي من أشد وأمتن العلاقات التي بين البشر؛ لذلك كان لها تأثير قوي في التأثر والتأثير بين الإخوة، وهذه العلاقة من طبيعة النفس البشرية التي جبلت عليها، بل هي الأصل في العلاقة بين الإخوة؛ لأن بداية هذه العلاقة ليست حديثة بل هي منذ أن خلق الله الإخوة وأخرجهم إلى هذه الدنيا، وهم على علاقة ببعض، فأفضل من يعرف الإخوة الأخ، وهم أكثر تفاهماً من غيرهم، بل إنهم أكثر نصرة لبعضهم من نصرة الآخرين ممن هم ليسوا إخوة.

وقد طلب نبي الله موسى - عليه السلام - وبوحي من الله أخاه هارون وزيراً له، قال تعالى: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} (١)، يقول ابن عاشور: "خص هارون لفرط ثقته به، ولأنه فصيح اللسان مقوالاً، فكونه من أهله مظنة النصح له، وكونه أخاه أقوى في المناصحة، وكونه الأخ الخاص لأنه معلوم عنده بأصالة الرأي" (٢).


(١) سورة طه، الآيات: ٢٩ - ٣٢.
(٢) التحرير والتنوير، ابن عاشور، المجلد السابع، الجزء السادس عشر، ص ٢١٢.

<<  <   >  >>