للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفائدة العاشرة: أن معرفة عقيدة المشركين وفهمها يدعم مواضيع الدعوة]

كما أسلفنا أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا حديثي عهد بأمور الشرك، فإن ذلك كان جانب قوة وتميُّز في دعوتهم؛ لأنهم كانوا يعلمون ماذا يدعون لعلمهم بمن يدعون، فمعرفة مواضيع دين المشركين تؤدي إلى تحديد مواضيع دعوتهم، فمثلاً مشركو العرب كانوا يؤمنون بأن الله سبحانه هو الخالق المدبِّر إلا أنهم يشركون معه أوثانهم في العبادة والتضرع، فهنا محاولة إثبات ما هو مثبت لديهم وهو ربوبية الله سبحانه لا داعي له، بل المفروض نفي ما هو مثبت لديهم، وهو ألوهية إله مع الله سبحانه، ودليل ذلك قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} (١)، قال قتادة: "فالخلق كلهم يقرون الله أنه ربهم، ثم يشركون بعد ذلك" (٢).

وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (٣)، فلذلك قد يكون موضوع الربوبية محسوماً لديهم، فالاعتماد عليه لتأكيد موضوع وحدانية الألوهية أمر مهم لدى الدعاة، ولا يكون ذلك إلا بمعرفة عقائد المشركين والاطلاع عليها.


(١) سورة العنكبوت، الآية: ٦٥.
(٢) جامع البيان، الطبري، ٩/ ٥٥.
(٣) سورة العنكبوت، الآية: ٦١.

<<  <   >  >>