للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الله في جميع الأحوال، وإنما على الدعاة البلاغ والدعوة، وألَّا ينتظروا القبول من المدعو، بحيث لا يدعون إلا من كان لديه قابلية الاستجابة، فإيمان الصحابة بأن الهادي هو الله، وأنما هم مبلغون عن الله سبحانه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - جعلهم يدعون كل من استطاعوا دعوته، دون انتظار منهم الهداية، وذلك أنه لو كانت الدعوة مرتبطة بالهداية لما دُعي كل البشرية إلى الدخول في الإسلام، ولكان أحد أمرين، إما أن تضعف الدعوة أو تتوقف، وهذا أمر خطير، أو أن يستجيب جميع الخلق، ويدخلوا في الإسلام، وهذا محال في سنة الله في خلقه.

إن الدعوة أمر يجمع بين الاجتهاد في دعوة المشركين، والاقتناع بعدم إمكانية دخولهم جميعاً إلى الإسلام. ومن ذلك عندما قدم الطفيل بن عمر الدوسي وأصحابه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن دعا قومه ولم يستجيبوا فقالوا: يا رسول الله، إن دوساً قد كفرت وأبت فادع الله عليها، فقيل: هلكت دوس، قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اهد دوساً وأت بهم" (١)، وهذا دليل على أن الهداية ليست نتيجة حتمية لكل دعوة؛ لذلك لا ترتبط دعوة المدعو بهدايته بل بالأمل والرجاء فيها دون الإيقان بها.

[الفائدة الخامسة: أن المدعو جاهل للحق ويحتاج من يوضحه له]

إن المدعوين في الغالب هم ممن يجهل الحق لأنه لو يعلم الحق لاتبعه، إلا من استكبر، فهذا الجاهل يحتاج من ينتشله من ظلام الجهل إلى نور الحق ووضوحه؛


(١) صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة وتميم ودوس وطيئ، رقم ٦٤٥٠، ص ١١٠٧.

<<  <   >  >>