للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الجنة ((١). وفي قصة مصعب بن عمير مع سعد بن معاذ - رضي الله عنهما - عندما أرسل سعد بن معاذ أسيد بن الحضير إلى مصعب فقال له معاذ: انطلق إلى هذين الرجلين الذين قد أتيا دارينا ليسفها ضعفاءَنا (٢)، دليل على أن من كان حول مصعب هم من الضعفاء. وها هو أيضاً مصعب بن عمير - رضي الله عنه - يدعو أمه إلى الإسلام وهي من كان يسجنه حتى يرجع عن دينه ويحاربه ولكنه لا يستهين بأمر الدعوة فيقول لها: يا أمَّه، إني لك ناصح عليك شفيق فاشهدي أنه لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فترد عليه وتقول له بعنادها وإصرارها على الكفر: والثواقب لا أدخل في دينك فيُزرَى برأيي ويُضعَف عقلي، ومع إصرارها ومعرفته بذلك إلا أنه لم يهن عليه بقاؤها على الكفر ولم ييأس من دعوتها، ولم يقل إنها امرأة كبيرة في السن لا فائدة ترجى منها، ومن إسلامها.

رابعاً: من حق المدعو أن يدعى في كل الأحوال:

من حقوق المدعو على الداعي أن يُدعى في كل حال من الأحوال، الزمان والمكان، السر والعلن، الأمن والخوف، الصحة والمرض، الإقامة والسفر، ولا ينتظر زوال ذلك الحال؛ لأن الداعية لا يعلم متى سيلتقي بهذا المدعو مرة أخرى، كما أنه لا يعلم هل سيعيش هذا المدعو إلى وقت آخر ومتى أجله وما هو قدره، قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} (٣)،


(١) صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل بلال - رضي الله عنه -، رقم ٦٣٢٤، ص ١٠٨١.
(٢) انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، ١/ ٣٩٧.
(٣) سورة لقمان، الآية: ٣٤.

<<  <   >  >>