للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجمه وطرده، يقول البيهقي: "وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يحقر أحداً أن يبلغه رسالة ربه" (١).

وقد وصف الله سبحانه الأقوام الكافرة أنهم هم من يحتقرون غيرهم، فقال تعالى في قوم نوح - عليه السلام -: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} (٢)، وقالوا أيضاً: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (٣)، فالاحتقار من صفات الكفار، وقد وضع الله - سبحانه وتعالى - على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - قاعدة للميزان الذي يجب على المسلم اتباعه في تعامله مع الناس، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ((٤)، وفي الحديث الآخر قال - صلى الله عليه وسلم -: (كم من أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره ((٥).

فالحديثان السابقان يضعان القاعدة التي يجب على المسلم بشكل عام والداعية بشكل خاص أن يتبعها ويجعلها نصب عينيه، وقد حرص صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا؛ فنجد أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - يشتري بلال بن رباح - رضي الله عنه - وهو عبد مملوك لا يملك حتى نفسه، ويقدمه لأجل الإسلام، فأصبح مؤذن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ( ... فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يديَّ


(١) دلائل النبوة، البيهقي، ٢/ ٣٠٧.
(٢) سورة هود، الآية: ٢٧.
(٣) سورة الشعراء، الآية: ١١١.
(٤) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله، رقم ٦٥٤٣، ص ١١٢٤.
(٥) جامع الترمذي، أبواب المناقب، باب مناقب البراء بن مالك - رضي الله عنه -، رقم ٣٨٥٤، ص ٨٧١. حديث صحيح (الألباني، صحيح الجامع، رقم ٤٥٧٣، ٢/ ٨٣٩).

<<  <   >  >>