للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو كل من يراه دون استصغار لأحد أو استهانة بوضعه، فقد دعا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو صبي ابن تسع سنين، وقيل: دون التسع سنين، وقيل: إحدى عشرة سنة (١)، فلم يستهِن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بصغره، فكان علي - رضي الله عنه - من الرسول - صلى الله عليه وسلم - كمنزلة هارون من موسى (٢)، وحمل لواء الرسول في أكثر المشاهد وفتح الله على يديه حصن خيبر، وكان خليفة المؤمنين (٣). وهذا عمار بن ياسر كان فقيراً ومن المستضعفين في مكة حيث إنه لا عشيرة له ولا منعة ولا قوة (٤)، فأصبح من المبشرين بالجنة، وغيرهم كثير. كما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعرض نفسه على قبائل العرب وزعمائها ولم يستجب له أحد منهم حتى لقي عند العقبة من منى في الموسم -موسم الحج- ستة نفر كلهم من الخزرج وهم يحلقون رؤوسهم فجلس إليهم فدعاهم واستجابوا لله ولرسوله وآمنوا وصدقوا (٥)، فجعل الله من هؤلاء الستة على قلة عددهم نواة إسلام الأنصار، وإنشاء عاصمة الدولة الإسلامية في المدينة، فلم يقلل الرسول - صلى الله عليه وسلم - من شأن هؤلاء النفر ومن قلة عددهم مقارنة بالقبائل التي كانت في ذلك الموسم.

وكذلك تلطفه - صلى الله عليه وسلم - مع عداس وهو غلام نصراني لعتبة وشيبة أبناء ربيعة وذلك بعد أن دعا سادة ثقيف وأشرافهم وطردهم له وإغراء سفهائهم وعبيدهم بسبه


(١) انظر: الطبقات الكبرى، ابن سعد، ٣/ ٢١ - ٢٢.
(٢) انظر: البخاري، كتاب الفضائل، باب مناقب علي - رضي الله عنه -، رقم ٣٧٠٦، ص ٦٢٥.
(٣) انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، ٢/ ١٢٩٤ - ١٢٩٧.
(٤) انظر: الطبقات الكبرى، ابن سعد، ٣/ ٢٤٧ - ٢٤٨.
(٥) انظر: إمتاع الأسماع، المقريزي، ١/ ٥٠.

<<  <   >  >>