للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث إشارة إلى أن التعرف على المدعو يحدد طريقة دعوته وأولوياتها، وكذلك عند إرساله - صلى الله عليه وسلم - الصحابة للدعوة كان يرسلهم إلى قبائلهم؛ لأنهم أعلم بهم من غيرهم؛ فأرسل الطفيل بن عمرو الدوسي إلى دوس، وأبا أمامة الباهلي إلى قومه، وعمرو بن مرة الجهني إلى جهينة، وعروة بن مسعود الثقفي إلى ثقيف وغيرهم.

وبهذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - يُعِدُّون أنفسهم أو يُعِدُّ بعضهم بعضاً بمعرفة المدعو اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويقدِّمون أعرفهم بالقوم لدعوتهم، كما حصل من تقديم سلمان الفارسي في دعوة أهل القصر الأبيض -وهم فرس- وأهل بهرسير، وكل ذلك لأنه أعلم بالفرس من غيره.

رابعاً: أين ومتى يدعو الداعي؟

من إعداد الداعية الجيد أن يميز المكان والزمان المناسبين للدعوة؛ لأن في ذلك مدعاة للقبول أفضل من أي حال أخرى، فمتى ما توافق الزمان والمكان سنحت الفرصة للدعوة، والفرص لا تكون دائماً كذلك، فالداعية يجب عليه أن يكون متيقظاً ومراقباً للفرص؛ حتى يغتنمها؛ لأن الفرص لا تدوم، وبفواتها يفوت خير كثير، وهو زيادة احتمالية قبول المدعو للدعوة.

ومن الأمثال في اختيار المكان والزمان المناسبين هو اختيار موسى - عليه السلام - ليوم الزينة ليكون ميعاداً للقائه مع السحرة، قال تعالى: {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} (١)، فكان اختياره لذلك الموعد حتى يتضح الحق لأكبر عدد من البشر، يقول الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية: "إنما سأل موسى


(١) سورة طه، الآية: ٥٩.

<<  <   >  >>