للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الوسائل الأخلاقية التي استخدمها الصحابة كوسيلة كان لها الأثر الكبير والسريع في نفوس المدعوين مما دفعهم لاعتناق الإسلام دون تردد، وهنا سوف نتكلم عن كل وسيلة على حدة.

أولاً: الإيثار على النفس:

"الإيثار هو تقديم الغير على النفس في حظوظها الدنيوية رغبة في الحظوظ الدينية، وذلك ينشأ من قوة اليقين وتوكيد المحبة والصبر على المشقة" (١)، يقول شيخ الإسلام في تفسيره لقول الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (٢): "أما الإيثار مع الخصاصة فهو أكمل من مجرد التصدق مع المحبة" (٣)، وذلك إشارة إلى قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (٤).

وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المؤثرين على أنفسهم وذلك في مواقف كثيرة منها ما ذكره البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ببردة، فقال سهل للقوم: أتدرون ما البردة؟ فقال القوم: هي شملة، فقال سهل: هي شملة منسوجة فيها حاشيتها، فقالت: يا رسول الله، أكسوك هذه، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجاً إليها فلبسها، فرآها عليه رجل من الصحابة فقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه فاكسنيها، فقال: "نعم"، فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، الجزء الثالث، المجلد التاسع، ص ٢١٥.
(٢) سورة الحشر، الآية: ٩.
(٣) منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، ٤/ ١٧٤.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ٩٢.

<<  <   >  >>