للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لامه أصحابه فقالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها محتاجاً إليها ثم سألته إياها، وقد عرفت أنه لا يُسأل شيئاً فيمنعه، فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي أكفن فيها (١).

وقد اكتسب صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإيثار منه واتبعوه في ذلك، وكان لإيثارهم في الدعوة إلى الإسلام أثر وفائدة، فهذه أم سليم تؤثر إسلام أبي طلحة على متعة الدنيا وهي زواجها منه، بل جعلت إسلامه هو مهرها منه، وكذلك قصة الحارث بن مسلم التميمي عندما أرسلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية، قال: فلما بلغنا المغار (٢) استحثثت فرسي فسبقت أصحابي وتلقانا الحي بالرنين (٣) فقلت لهم: قولوا: لا إله إلا الله تحرزوا، فقالوها، فلامني أصحابي فقالوا: حرمتنا الغنيمة، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبروه بالذي صنعت فدعاني فحسَّن لي ما صنعت وقال: "أما إن الله قد كتب لك من كل إنسان منهم كذا وكذا" (٤).

ويقسم ابن القيم - رحمه الله - درجات الإيثار إلى ثلاث درجات منها: "إيثار رضا الله على رضا غيره، وإن عظمت فيه المحن وثقلت فيه المؤن وضعف عنه الطول


(١) صحيح البخاري، كتاب الآداب، باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل، رقم ٦٠٣٦، ص ١٠٥٤.
(٢) المغار: موضع الغارة أو هي الإغارة نفسها.
(٣) الرنين: الصوت.
(٤) سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، رقم ٥٠٨٠، ص ٧١٤. حديث ضعيف (الألباني، ضعيف سنن أبي داود، رقم ٥٠٨٠، ص ٤١٥).

<<  <   >  >>