للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفائدة الأولى: أن الدعوة إلى التوحيد هي أول ما يدعى إليه]

بما أن الصحابة - رضي الله عنهم - هم أول من دعا إلى الله بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن أول موضوع دعوا إليه هو توحيد الله ونبذ الشرك، وقد كان همهم الأكبر، فدعوة بلا توحيد هي دعوة معيبة قد تؤدِّي إلى الشرك، وفي الدعوة إلى توحيد الله فائدة عظيمة لقبول المشركين الإسلام؛ لأن الصحابة لم يدعوا إلى أنفسهم أو إلى بشر مثلهم، إنما كانت دعوتهم إلى الخالق وحده، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (١).

فينبغي عدم تقديم أي موضوع على موضوع التوحيد؛ لأنه هو الأساس في هذا الدين.

[الفائدة الثانية: أن من الأهمية التدرج في مواضيع الدعوة حسب الأولوية]

مما نستفيد من دعوة الصحابة - رضي الله عنهم - هو تدرُّجهم في مواضيع الدعوة، وذلك أسوة بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيبدأ بالأولى فالأولى، ومن ذلك وصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى معاذ بن جبل - رضي الله عنه - عندما بعثه إلى اليمن فقال: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم" (٢)، وقد تقيَّد الصحابة - رضي الله عنهم - بذلك التدرُّج، وكان أول ما يدعون إليه هو شهادة أن لا


(١) سورة البينة، الآية: ٥.
(٢) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، رقم ١٣٩٥، ص ٢٢٤.

<<  <   >  >>