للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: فئات المدعوين من المشركين في دعوة الصحابة - رضي الله عنهم -]

يفرض المدعو على الداعي منهجاً خاصاً به في الدعوة، وذلك بناءً على ما يتوافر في ذلك المدعو من خصائص وميزات، فالمدعوون يختلفون باختلاف أوضاعهم الاجتماعية، ومراكزهم القيادية، ومكانتهم العائلية، فكل ذلك يؤدي إلى التعامل مع المدعوين كل حسب وضعه، لا حسب وضع الداعي نفسه، فلكل مقام مقال، وقد أمر الله - سبحانه وتعالى - أن يُدعَى البشر بحسب أوضاعهم وأفهامهم، ودلل على ذلك في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، كما في قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون حيث أمره الله - سبحانه وتعالى -: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} (١)، وذلك لوضعه القيادي، وخطاب الله - سبحانه وتعالى - لأهل الكتاب على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (٢)، فخاطبهم بحسب علمهم وما يدينون به.

فمعرفة وضع المدعو والعلم به تجعل من الداعي فقيهاً في اللغة المناسبة التي يُبلغ بها الدعوة؛ ليكسب المدعو ويهديه إلى الحق والصواب، يقول الشيخ علي محفوظ: "المرشد الحازم هو الذي يتفرس في حال القوم ويأتي في كل حال ما يناسبه" (٣). وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - حريصين على أن يتعاملوا مع المدعو حسب وضعه في المجتمع، ووضعه بالنسبة لهم أيضاً، وبهذا كان لكل فئة منهج خاص


(١) سورة طه، الآية: ٤٤.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ٦٥.
(٣) هداية المرشدين، علي محفوظ، ص ١٨٨.

<<  <   >  >>