للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[د) الشاهد الرابع: الاهتمام بدعوة ذوي القربى]

قال تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (١). لقد احتلت دعوة ذوي القربى عند الصحابة أولوية، فهذا سعد بن معاذ - رضي الله عنه - عندما أسلم عاد إلى قومه مباشرة فلما وقف عليهم قال: كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأياً وأيمننا نقيبة، قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلماً أو مسلمة (٢)؛ فبدأ بالأقربين قبل غيرهم {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}.

وأيضاً دعوة الطفيل بن عمرو الدوسي - رضي الله عنه - عندما أسلم استأذن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالذهاب إلى قومه لدعوتهم وطلب منه أن يجعل له آية تكون عوناً عليهم، ويحدث - رضي الله عنه - عن نفسه فيقول: حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح، فقلت: اللهم في غير وجهي إني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراق دينهم، قال: فتحول فوقع في رأس سوطي، قال: فجعل الحاضرون يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق وأنا أهبط إليهم من الثنية، قال: حتى جئتهم فأصبحت فيهم، قال: فلما نزلت أتاني أبي وكان شيخاً كبيراً، قال فقلت: إليك عني يا أبت فلست مني ولست منك، قال: ولم يا بني؟ قال قلت: أسلمت وتابعت دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال: أي بني فديني دينك، قال فقلت: فاذهب واغتسل فذهب


(١) سورة الشعراء، الآيتان: ٢١٣ - ٢١٤.
(٢) انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، ١/ ٣٩٨.

<<  <   >  >>