[الفائدة الثامنة: أن منهج الصحابة - رضي الله عنهم - في الدعوة يوضح أن الدعوة إلى الشرائع الإسلامية هو تكملة الدعوة للعقيدة الإسلامية]
لم يكن هناك دعوة إلى العقيدة إلا ورافقها دعوة إلى الشرائع والأحكام، فلا تنفصل هذه عن تلك، قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}(١).
إذن الإسلام دين متكامل ويكمل بعضه بعضاً، فاتباع الشرائع وتطبيقها هو تأكيد للعقيدة السليمة الراسخة لدى الفرد، وإن إيضاح ذلك واجب كل داعية يؤمن بالله واليوم الآخر؛ لأن هذا ترابط التزام وتلازم لا يصح أن يفرق بينهما، وقد حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على ذلك، فدعوا إلى الشرائع مع العقيدة، وأكَّدوا على ذلك. فهذا عمرو بن مرة الجهني - رضي الله عنه - يقول لقومه: (آمركم بعبادة الله وحده ورفض الأصنام وحج البيت وصيام شهر رمضان شهر من اثنى عشر شهراً، من أجاب فله الجنة ومن عصى فله النار (.
فقد قرن الدعوة إلى عبادة الله وحده ورفض الأصنام، بالدعوة إلى الحج والصيام، وهي شريعة من الشرائع التي بُني عليها الإسلام. وهذا يفيد أنه على الداعية أن يربط العقيدة التي يدعو إليها بالشرائع الإسلامية في دعوته وعدم التفريق بينها وأنها مكملة لبعضها، فلا عقيدة بدون شريعة، ولا شريعة بدون عقيدة، فكل منهما بدون الآخر باطل.