للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميعها جيوش دعوة، فكانت تدعو للإسلام قبل الجزية والقتال. وقد أورد التاريخ كثيراً من الشواهد مثل: وصية جيش أبي بكر للمرتدين، ودعوة خالد بن الوليد لفارس، وسلمان الفارسي للفرس وغيرهم كثير.

ثالثاً: من يدعو الداعي؟

من إعداد الداعي للدعوة تعريفه بمن يدعو وخصائصه، وما يتميز به، وجميع الأخبار عنه؛ لأن في ذلك إعانة له على إيصال الدعوة إليه، والإجابة على (أين ومتى وكيف؟)؛ لأن التساؤلات الأخرى تعتمد على معرفة المدعو. وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك قدوة؛ ففي الحديبية عندما بعثت قريش إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحليس بن علقمة وكان سيد الأحابيش (١)، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن هذا من قوم يتألهون (٢)، فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه (، فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي (٣) في قلائده (٤)، وقد أكل أوباره من طول الحبس عن محله (٥)، رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إعظاماً لما رأى،


(١) الأحابيش: الذين حالفوا قريشاً وهم: بنو المصطلق سعد بن عمرو وبنو الهون بن خزيمة وبنو الحارث بن عبد مناف، اجتمعوا بذنبة حُبْشِيّ وهو جبل بأسفل مكة فتحالفوا: إنا يدٌ على غيرنا ما سجا ليل ووضح نهار وما رئي حبشيٌّ مكانه، فسموا بالأحابيش باسم الجبل. (انظر: سبل الهدى والرشاد، الصالحي، ٤/ ٢٥٧).
(٢) يتألهون: أي يتعبدون ويعظمون أمر الإله.
(٣) عرض الوادي: جانبه.
(٤) القلائد: ما يعلق في أعناق الهدي ليعلم أنه هدي.
(٥) محله: الموضع الذي ينحر فيه في الحرم.

<<  <   >  >>