للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علي - رضي الله عنه - حرصوا على ذلك وفطنوا له، فكانت دعوتهم لا تخرج عن إمكانية تصور عقول المجتمع في ذلك الوقت، ولم يحاولوا إدخال أحاديث الخرافة في الدعوة، وذلك من ميزات هذا الدين الذي يتميز به عن غيره من الأديان التي تعتمد على الخرافات التي هي فوق طاقة العقل، ومِن تميُّز هذا الدين بذلك تَميَّز أتباعه، ومن أفضل اتباعاً لهذا الدين بعد الرسل غير الصحابة - رضي الله عنهم -؟ فهم أحق بأن يكونوا قدوة في طريقة دعوتهم باقتدائهم بالحق من طرح موضوعات الدعوة بوسائل لها القبول العقلي لدى المدعوين، وخصوصاً أن الله - سبحانه وتعالى - خاطب المشركين في أكثر من موضع باستخدام "العقل" كقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (١)، وقوله تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (٢).

رابعاً: الإمكانية:

إن إمكانية استخدام الوسيلة من أهم العوامل التي راعى فيها الصحابة - رضي الله عنهم - دعوتهم، فإمكانية توفر وسيلة دون غيرها يساعد على استغلال الوقت، ويساعد على قدر من النجاح في الدعوة؛ لأن بعض الوسائل لا يتمكن الداعي من استخدامها، فمحاولته في ذلك فيه تفويت لفرص لا تتكرر، وضياع الوقت مع تقليل فرص النجاح والوصول للهدف، فكانت إمكانية استخدام الوسيلة وتطبيقها من قِبل الداعي من المطالب المهمة لدى الصحابة، وذلك أن الإمكانات قد تكون


(١) سورة يوسف، الآية: ٢.
(٢) سورة يونس، الآية: ١٦.

<<  <   >  >>