للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ - معرفة أهمية الدعوة للمدعو]

إن تنمية الإحساس بالغير وحب الخير لهم ضروري لدى الداعية، ولا يكون ذلك إلا بوجود دافع داخلي من الداعية نفسه، ولا يتكون هذا الدافع إلا بوجود أسباب تحرك هذا الدافع؛ فالداعية يجب أن يكون صاحب إحساس يدفعه إلى دعوة الآخرين، وحب الخير لهم، والإسلام هو دين خير ومحبة للبشرية، ويربي المسلمين على ذلك، ومن هذا كان لهداية المدعو أهمية كبيرة للمدعو نفسه، ألا وهي إنقاذه من النار وحمايته من نفسه، والمدعو كالمريض الذي لا يعلم بمرضه، والداعي هو الطبيب الذي يعرف أهمية العلاج، فعلاج الضال الهداية، والهداية لا تكون إلا بالدعوة، وقد بيَّن الله تعالى أن الإسلام هو إنقاذ من النار، قال تعالى: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} (١). والدعوة من الأسباب التي تؤدي إلى هذا الإنقاذ، ولا تكون الدعوة إلا بدعاة منقذين، وكان أول الدعاة إلى الإسلام هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن صدّقه نجا، قال تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٢)، ففي الهداية نجاة وغفران من كل ما سبق من سوء العمل، وبهذا جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعدُّ أصحابه لكي يدعوا الناس لينقذوهم من النار، ويعلم الصحابة أولاً: مدى أهمية دعوة المدعوين


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٠٣.
(٢) سورة الزمر، الآيات: ٣٣ - ٣٥.

<<  <   >  >>