للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الضابط الخامس: العلم بما يدعو]

العلم ضابط أساسي في الدعوة إلى الله بشكل عام، ولا يمكن الدعوة إلى الله إلا عن طريق اكتساب المعرفة فيما يدعو إليه الداعية، وقد جعل الله - سبحانه وتعالى - العلم أمراً أساسياً في الدعوة إليه، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (١)؛ فقد جعل الله دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على علم وهو البصيرة، كما جعل دعوة من اتبع الرسول - صلى الله عليه وسلم - أيضاً على بصيرة {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}، وأول من تبع الرسول - صلى الله عليه وسلم - هم أصحابه، فهم أولى بالعلم والبصيرة من غيرهم. وقد تقدم العلم على العمل؛ وذلك أن العمل بدون علم قد يؤدي إلى ضلال وفساد، أما العلم فهو حامي العمل، وقد وضع البخاري باباً في صحيحه سماه: "باب العلم قبل القول والعمل" (٢). وقد علق ابن حجر في "فتح الباري" على ذلك فقال: "قال ابن المنير: أراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل، ولا ميزان إلا به، فهو متقدم عليهما؛ لأنه مصحح للنية الصحيحة للعمل" (٣). وكان البخاري قد بوب هذا الباب لقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} (٤)، وقال: "إن من أخذ العلم أخذ بحظ وافر" (٥).

وصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظهر لهم الحق فعرفوه وتعلموه ودعوا


(١) سورة يوسف، الآية: ١٠٨.
(٢) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب العلم قبل القول والعمل، ص ١٦.
(٣) فتح الباري، ابن حجر، كتاب العلم، الباب العاشر، باب العلم قبل القول والعمل، ١/ ٢١٠.
(٤) سورة محمد، الآية: ١٩.
(٥) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب العلم قبل القول والعمل، ص ١٦.

<<  <   >  >>