للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: الاستفادة من منهج الصحابة - رضي الله عنهم - في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب فيما يتعلق بالوسائل والأساليب]

[الفائدة الأولى: الالتزام بمشروعية الوسائل والأساليب المستخدمة في الدعوة]

قال ابن القيم - رحمه الله -: "لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها، كانت طرقها وأسبابها تابعة لها، معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها، ووسائل الطاعات والقربات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غاياتها، فوسيلة المقصود تابعة للمقصود" (١)، وبما أن الدعوة هي عبادة مشروعة لكل مسلم، فإن كل ما أدَّى إليها يجب أن يكون مشروعاً ومباحاً؛ فلا يجوز استخدام وسائل وأساليب محرمة لهداية الناس؛ لأن ذلك فيه تناقض بين مكونات العملية الدعوية، فكيف يدعو الداعي إلى أمر هو يخالفه، وكيف يقبل المدعو أمراً ينافي ما يُدعَى به، فمن الواجب اختيار الأساليب والوسائل المباحة المشروعة، واجتناب كل أسلوب أو وسيلة محرمة ممنوعة، فكل ما يدعو إلى الله يجب أن يكون موافقاً لدين الله، وقد حرص الصحابة على ذلك في جميع أمور دعوتهم، فلم يخالفوا أمر الله ولا أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - في شيء مما اتبعوه لإيصال دعوتهم، فكل وسائل وأساليب الصحابة التي ذكرناها في الفصل الثالث متوافقة مع مبادئ الإسلام، فلم يتخذ أحد منهم - رضي الله عنهم - أي أسلوب أو وسيلة محرمة، فكيف ذلك وهم خير الخلق بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء - عليهم السلام -.


(١) إعلام الموقعين، ابن القيم، ٤/ ٥٥٣.

<<  <   >  >>