للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومن ثَمَّ الدعوة إلى ما بعدها من صلاة وزكاة وصيام وغيرها من المواضيع التي يدعى إليها.

[الفائدة الثالثة: أن الإسلام نظام كامل مترابط لا يمكن تجزئته ولا يحق لأحد التنازل عن بعضه]

أساسيات الإسلام كيان كامل مترابط حسب نظام واضح، يوجب الأخذ به كاملاً، وعدم التجزئة والاستقطاع منه حسب الحاجة أو الأهواء أو الظروف، أيّاً كانت؛ فلم يتنازل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - عن الزكاة عندما ارتدت العرب بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومنعوا الزكاة، وذلك عندما بعثوا وفوداً إلى أبي بكر - رضي الله عنه - من كل قبيلة ونزلوا على وجوه الناس على أن يقيموا الصلاة ولا يؤتوا الزكاة، فقال - رضي الله عنه -: (لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه ((١)، فلم يفرق - رضي الله عنه - بين الصلاة والزكاة إنما هو دين واحد، فمن وجبت عليه الصلاة وجبت عليه الزكاة. والدعوة إلى الله تبين ذلك لكل من تدعوهم، فلا يدعون إلى العقيدة ويتركون الشريعة، ولا إلى الشريعة ويتركون الأخلاق؛ فكل المواضيع مترابطة متصلة تكمل بعضها بعضاً، فلا يكتمل الاعتقاد بدون عمل وعبادة، ولا تقبل العبادة إذا ساءت الأخلاق، كما في حديث أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله: إن فلانة ذكر من كثرة صلاتها غير أنها تؤذي بلسانها، قال - صلى الله عليه وسلم -: "هي في النار"، قال: يا رسول الله، إن فلانة ذكر من قلة صلاتها وصيامها وأنها تصدقت بأثوار أقط (٢) غير أنها لا تؤذي جيرانها، قال:


(١) تاريخ الأمم والملوك، الطبري، ٢/ ٢٥٤.
(٢) الأثوار جمع ثور، وهي قطعة الأقط، والأقط هو لبن جامد مستحجر.

<<  <   >  >>