للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مدخل]

حَرِصَ الصحابة - رضي الله عنهم - على أن يمارسوا أمور حياتهم وفق ما يستمدونه من تعاليم القرآن الكريم وتوجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخصوصاً أنهم خرجوا في أقوام أهل شرك وعبادة أوثان، تأصلت في قلوبهم وتوارثوها كابراً عن كابر، كما أنهم لم يكن لهم كتاب يقرؤونه مثل أهل الكتاب، ولم يرسل لهم رسول من قبل، قال تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} (١)، وقال تعالى: {وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ} (٢)، فكانت رسالة الإسلام تحولاً كبيراً في حياتهم، وتغييراً لما ألفوه من أسلافهم. فمن هنا واجه الصحابة حالة جديدة من الدعوة لم يسبقهم إليها أحد من الخلق، ولم تُوضع لها قواعد في الماضي حتى يسيروا وفق تعاليمها، فكان عليهم - رضي الله عنهم - أن يبدؤوا الدعوة بأنفسهم، وأن يُقَعّدوا لها، وينظِّروا للوسائل والأساليب والموضوعات التي يجب أن تُتخذ في القيام بالدعوة ونشرها، وبهذا أصبحوا أنفسهم تطبيقاً لعلم الدعوة العملي، وإن لم يكتبوه، ولكنهم طبقوه عملياً، مما وضع للمتأخرين ممن عملوا في الدعوة مراجع يرجعون لها في دعوتهم وفي مؤلفاتهم. وفي هذا الفصل سوف يكون البحث في الوسائل التي استخدمها الصحابة - رضي الله عنهم - في الدعوة، ثم الأساليب والموضوعات، وتفصيلها على النحو الآتي:


(١) سورة يس، الآية: ٦.
(٢) سورة سبأ، الآية: ٤٤.

<<  <   >  >>