للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ببصيرة وتعقل وتمييز، ومن ذلك دعوة مصعب بن عمير لسعد بن معاذ - رضي الله عنهما - عندما أتاه مغضباً متشتماً فطلب منه مصعب - رضي الله عنه - بلين ولطف وبيان قدر وحكمة أن يجلس فيسمع إن رضي كان بها، وإن كره اعتزلوه، فعند ذلك حكَّم سعد بن معاذ - رضي الله عنه - عقله وبصيرته ورأى أن ما يقوله مصعب - رضي الله عنه - هو الإنصاف، ولا يرفضه إلا جاهل، فجلس واستمع إليه فأسلم، وما قاده إلى الإسلام إلا حكمته ورجاحة عقله، قال تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (١).

وهنا نجد أن مصعب بن عمير استخدم مع الحكيم الحكمة فكان لها الأثر القوي في التأثير على المدعو؛ لأنه خاطبه بلغته وعقله وتفاهم معه بحكمته وفضله.

ثالثاً: المدعوون من العوام:

[١ - تمهيد]

"المقصود بالعوام هنا هم الناس من غير الملأ، أو ذوي القربى، وهم الغالبية العظمى في أي مجتمع، كما أنهم في الغالب يكونون تابعين للملأ ويباشرون مختلف أنواع المهن والحرف، والعامة خلاف الخاصة" (٢).

وقد كان العوام هم أكثر أتباع الرسل، بل هم أول من يتبعهم - عليهم السلام -، فقد قال قوم نوح من الملأ لنوح: {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٧٨.
(٢) العين، الفراهيدي، باب الثنائي الصحيح، باب العين والميم، ١/ ٩٥.

<<  <   >  >>