للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضاً: (إن الله جعلكم خيار من أنتم منه، وبغَّض إليكم في جاهليتكم ما حبَّب إلى غيركم من العرب، فإنهم كانوا يجمعون بين الأختين والغزاة في الشهر الحرام ويخلف الرجل على امرأة أبيه (.

فخاطبهم خطاب خبير، ودعاهم دعوة عارف لهم مُلِمٍّ بأمورهم، فاهم لشؤونهم، وما يدينون به، وما هذا إلا بسبب قرب عهده بالشرك، وما يحتوي عليه من ضلال، ومعرفة بالإسلام وما يشمله من خير.

الخاصية التاسعة: كون الصحابة - رضي الله عنهم - عرباً أقحاحاً لم تختلط ألسنتهم بثقافات غيرهم، ونزول القرآن بلسان عربي أعطى لهم ميزة في فهم القرآن وتفسيره بدون مفسرين:

أنزل الله سبحانه القرآن بلغة العرب {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (١)، وتلك لغة مشركي قريش، وفي هذه الآية إعلام من الله لهم أنه أنزله كذلك لئلا يقولوا إنه نزل بغير لساننا، فنحن إنما نعرض عنه ولا نسمعه لأننا لا نفهمه (٢)، وبذلك كان مشركو العرب هم أولى الناس بفهمه ومعرفة مقاصده، وخصوصاً أنهم لم يتأثروا بالثقافات الأخرى، ولم يدخل على لغتهم أي لغات أجنبية، وذلك لبعدهم عن جميع الشعوب الأخرى، واللغات المختلفة. ونلحظ أن العصر الأول من الإسلام لم يهتم الصحابة فيه بتفسير ألفاظ القرآن بقدر ما كانوا يهتمون بمقاصدها، ولم يبرز الاهتمام بمعنى الألفاظ إلا بعد انتشار الإسلام،


(١) سورة الشعراء، الآية: ١٩٥.
(٢) انظر: جامع البيان، الطبري، ٨/ ٦٢٦.

<<  <   >  >>