بالعلم من مصادره الأساسية الموثوقة؛ لأن ما يدعو إليه هو منسوب لرب العالمين، فلا يحتمل الخطأ، وقد طلب الأنبياء - عليهم السلام - العلم من قبل؛ فهذا نبي الله موسى - عليه السلام - ذهب إلى العبد الصالح وطلب العلم منه، قال تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (٦٥) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} (١).
وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - حريصين على تلقي العلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدعوا به، فلازموه في سفره وإقامته، وفي سلمه وحربه، ولم يفارقوه لا في مكة ولا في المدينة، بل كانوا يتناقلون ما يفوتهم بين بعضهم، فتزودوا من علمه - صلى الله عليه وسلم - وارتووا من نبع فهمه، وحرصوا على ذلك ومن ثم دعوا إلى الله سبحانه، فكانوا قدوة لجميع الدعاة.
لذا كان على الداعية تزويد نفسه بالعلم الذي يحتاجه في دعوته، فعليه أن يتعلم ما يدعو إليه وأن يتعلم حال المدعو وكيفية دعوته، بالإضافة إلى أنه عليه أن يعلم أنما علمه ذلك ما كان إلا لينفع به الناس؛ لأن مهمته نقل العلم وتعليمه، "فالعلم قبل القول والعمل"، كما ذكر البخاري في صحيحه، والعلم هو سلاح الداعية، ونجاح دعوته مرهون بقدر علمه، ونسبة إصابته من خطئه مرتبط برصيده من العلم، فكم من داعية ترك المدعوين في حيرة واضطراب بسبب قلة علمه وعدم تزوده بما يحتاجه وتصدره للدعوة بغير علم فَضلّ وأضلّ.