للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طالب - رضي الله عنه - عندما أرسله الرسول - صلى الله عليه وسلم - في سرية إلى اليمن في ثلاثمائة فارس فكانت خيلهم أول خيل دخلت تلك البلاد، فلقي جمعاً فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ورموا أصحابه بالنبل والحجارة، فلما رأى أنهم لا يريدون إلا القتال دفع اللواء إلى مسعود بن سنان السلمي فتقدم به فبرز رجل من مذحج يدعو إلى البراز فبرز إليه الأسود بن خزاعي فقتله الأسود وأخذ سلبه ثم حمل عليهم علي وأصحابه فقتل منهم عشرين رجلاً فتفرقوا وانهزموا وتركوا لواءهم قائماً فكف عن طلبهم ودعاهم إلى الإسلام فسارعوا وأجابوا، وتقدم نفر من رؤسائهم فبايعوه على الإسلام وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله (١).

إن ما حصل من علي - رضي الله عنه - هو مطابق لما ورد في الآيات السابقة؛ فقد قاتل المشركين حتى تابوا وأسلموا وأدوا الزكاة. يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}: "أي: لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم، بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع وتضطروهم إلى القتل أو الإسلام" (٢)، وذلك ما قام به علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في الذهاب إليهم في معاقلهم وقتالهم حتى أسلموا. {فَإِنْ تَابُوا} "أي: فإن رجعوا عما نهاهم عنه من الشرك بالله وجحود نبوة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ((٣)، {فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}،


(١) انظر: المغازي، الواقدي، ص ٧١٠.
(٢) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٧/ ١٤٨.
(٣) جامع البيان، الطبري، ٥/ ٨٢١.

<<  <   >  >>