للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكة خفت خوفاً شديداً فخرجت من بيتي وفرقت عيالي في مواضع يأمنون فيها فانتهيت إلى حائط عوف فكنت فيه فإذا أنا بأبي ذر الغفاري وكانت بيني وبينه خلة -والخلة أبداً مانعة-، فلما رأيته هربت منه فقال: أبا محمد، فقلت: لبيك، قال: ما لك؟ قلت: الخوف، قال: لا خوف عليك أنت آمن بأمان الله - عز وجل -، فرجعت إليه فسلمت عليه فقال: اذهب إلى منزلك، قلت: هل لي سبيل إلى منزلي؟ والله ما أراني أصل إلى بيتي حياً حتى ألفى فأقتلع أو يدخل عليَّ منزلي فأقتل، وإن عيالي لفي مواضع شتى، قال: فاجمع عيالك في موضع وأنا أبلغ معك إلى منزلك، فبلغ معي وجعل ينادي عليَّ: أن حويطباً آمن فلا يهج، فذهب أبو ذر إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال - صلى الله عليه وسلم -: أو ليس قد أمن الناس كلهم إلا من أمرت بقتلهم؟ قال: فاطمأننت ورددت عيالي إلى منازلهم وعاد إليَّ أبو ذر فدعاني إلى الإسلام فخرجت معه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسلمت عليه وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله (١).

وفي هذا الشاهد تطبيق لما ورد في الآية من سورة التوبة، فقد استجار حويطب بأبي ذر - رضي الله عنهم - وأجاره {فَأَجِرْهُ} ثم قام أبو ذر بدعوة حويطب للإسلام {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}.


(١) انظر: البداية والنهاية، ابن كثير، ٨/ ٦٩.

<<  <   >  >>