للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسه فوق الغير في صفات الكمال، فعند ذلك يكون متكبراً" (١).

وكان أول من تكبر من الخلق هو إبليس، عندما رفض السجود لآدم استكباراً، قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (٢)، فكان تكبره ذلك ميراثاً لمن اتبعه من الأقوام من بني آدم، وخصوصاً الملأ فيهم؛ فقد استكبر ملأ قوم صالح - عليه السلام -، قال تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ} (٣)، وكذلك الملأ من قوم شعيب - عليه السلام -: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا} (٤)، واستكبر فرعون وملؤه، قال تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ} (٥)، واستكبر قوم عاد - عليه السلام -: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (٦)، واستكبر قوم نوح - عليه السلام -: {وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} (٧).

فكل هؤلاء الأقوام أضلهم ملؤهم باستكبارهم فاستحقوا العذاب في الدنيا والآخرة، فالكبر دافع أساس لرد الحق لدى الملأ؛ لأنهم يرون في أنفسهم رفعة عن الناس وعلوّاً، وقد حصل من الملأ من قريش أن قالوا للرسول - صلى الله عليه وسلم -:


(١) مختصر منهاج القاصدين، ابن قدامة، ص ٢٨٤.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٣٤.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٧٥.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٨٨.
(٥) سورة المؤمنون، الآية: ٤٦.
(٦) سورة فصلت، الآية: ١٥.
(٧) سورة نوح، الآية: ٧.

<<  <   >  >>