العقبة الثانية على إسلام عبدالله بن حرام - رضي الله عنه - أدَّى إلى نتيجة إيجابية، قال كعب بن مالك - رضي الله عنه -: خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة من أوسط أيام التشريق قال: فلما فرغنا من الحج كانت الليلة التي واعدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها ومعنا عبدالله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر، إنك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا إنا لنرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطباً للنار غداً، ثم دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إيانا العقبة، قال: فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيباً. فاهتمامهم وحرصهم على هداية عبدالله بن حرام - رضي الله عنه - وإيضاح ذلك له باختياره بالدعوة من دون قومه وبيان اهتمامهم به بإيضاح أهميته لديهم بأنه من ساداتهم وأشرافهم وكذلك بيان رحمتهم له من عذاب النار كل ذلك كان له الأثر في استجابة عبدالله بن حرام - رضي الله عنه -.
ومن الاهتمام تحمل الإساءة والعفو من أجل إيصال الدعوة بشكل صحيح، وهو ما حصل مع عمر بن الخطاب من أخته وزوجها سعيد بن زيد - رضي الله عنهم - أجمعين، عندما نسوا ما فعله عمر بهم من أجل الدعوة، فكان ذلك إشارة إلى اهتمام وحرص الداعية على المدعو مما جعل عمر - رضي الله عنه - يراجع نفسه ويتقبل الدعوة، "فينبغي على الداعية إلى الله أن يقابل شدة المدعو بالحلم ويقابل طيشه وإساءته بالأناة وعدم الرد بالمثل، فهذا من أعظم حقوق المدعو"(١).