للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما وصل إلى هذه المكانة إلا بأمور منها رجاحة العقل، والتي يترتب عليها أمور كثيرة في قبيلته، فهو من يقرر الحرب والسلم، وذو رأي ومشورة وشجاعة وكرم، فمتى اجتمعت هذه الأمور لدى أحد منهم تبعوه وأسلموا له رأيهم، يقول لقيط بن معمر الأيادي يخاطب قبيلته وينصحهم باختيار قائد لهم (١):

وقلدوا أمركم لله دركم ... رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا

لا مترفاً إن رخاء العيش ساعده ... ولا إذا عض مكروه به خشعا

ما زال يحلب در الدهر أشطره ... يكون مُتّبِعَاً طوراً ومُتَّبَعَا

حتى استمرت على شزر مريرته ... مستحكم السن لا قحماً ولا ضرعا

ومن هنا نجد أن المكانة عند العرب لها مقاييس خاصة ومعايير محددة متى ما توافرت في شخص ما رفعته وأعلت مكانته بين قومه، وهذه الميزة توافرت في عدد من الصحابة، وكان لها الأثر في دعوتهم لأقوامهم، ومن هؤلاء الصحابي سعد بن معاذ - رضي الله عنه -، عندما عاد إلى قومه من عند مصعب بن عمير - رضي الله عنه - وقد أسلم، فلما وقف عليهم قال: يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأياً وأيمننا نقيبة، قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وبرسوله، قالا (٢): فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلماً أو مسلمة.


(١) الشعر والشعراء، ابن قتيبة، ١/ ١٩٦ - ١٩٧.
(٢) أي مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>