للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أمة الإجابة" (١). وذكر الجن هنا لا يعني تكليف البشر بدعوتهم؛ لأن ذلك فوق طاقتهم، كما أنه أمر خاص بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا اقتداء لنا به في هذا (٢)؛ فقد ذُكر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعا الجن فأجابوا، يقول مقاتل في تفسيره لقوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا} (٣): "إن تسعة نفر من الجن من أهل نصيبين استمعوا إلى رسول الله يقرأ القرآن ببطن نخلة فأسلموا ودعوا قومهم حتى إنهم أتوا إلى النبي من العام القادم في البطحاء وقد أصبحوا سبعين رجلاً من الجن مسلمين، وعلَّمهم القرآن وأدَّبهم وقضى بينهم" (٤)، "وذكر ابن عباس - رضي الله عنهما - أنهم كانوا سبعة وجعلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسلاً إلى قومهم" (٥)، وبهذا تكون دعوة الجن أمراً خاصاً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يمكن تكليف غيره من البشر بها، ومن هذا فإن المدعو الذي يعني الصحابة هم البشر، وما يعنينا في بحثنا هنا من المدعوين هم المشركون من غير أهل الكتاب، ودعوة الصحابة - رضي الله عنهم - لهم.

وقد جعل الله - سبحانه وتعالى - للمدعو أهمية كبيرة عند جميع الرسل - عليهم السلام -، فكان إرسالهم لهداية هذا المدعو، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا


(١) الأسس العلمية لمنهج الدعوة الإسلامية، عبدالرحيم المغذوي، ص ٥٥٦.
(٢) انظر: فقه الدعوة، بسام العموش، ص ٥٧.
(٣) سورة الأحقاف، الآية: ٢٩.
(٤) تفسير مقاتل، مقاتل بن سليمان، ٣/ ٢٢٨ (بتصرف).
(٥) جامع البيان، الطبري، ١٠/ ١٧٠.

<<  <   >  >>