يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال:"أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة ...
" (١).
ومن هنا لم يقبل صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمنكر، بل أنكروه كل قدر استطاعته، فمنهم من أنكره باليد كمعاذ بن جبل ومعاذ بن عمرو بن الجموح - رضي الله عنهم -، ومعهم فتيان من قومهم، وذلك عندما أخذوا صنم عمرو بن الجموح وألقوه في حفرة لبني سلمة التي فيها عذر الناس، وما فعله عبدالله بن رواحة - رضي الله عنه - من تكسير صنم أبي الدرداء. ومنهم من أنكر بلسانه، إما على أشخاص كقول أبي بكر لعثمان بن عفان - رضي الله عنهما -: "ما هذه الأوثان التي يعبدها قومنا؟ أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟ "، أو أنكر على قومه عامة كضمام بن ثعلبة - رضي الله عنه - عندما أتى قومه فكان أول ما قال لهم:"بئست اللات والعزى"، ودعوة عروة بن مسعود الثقفي - رضي الله عنه - لقومه عندما أنكر عليهم تحية الجاهلية ولم يقدم على صنمهم فآذوه وقتلوه.
أما الإنكار بالقلب فقد كان جميع الصحابة - رضي الله عنهم - منكرين بالقلب بلا شك؛ لأن ذلك أضعف الإيمان.
(١) صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، رقم ٢٣٢٩، ص ٤٠٦.