للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان الجهاد ولا يزال لإعلاء كلمة الله، وفيه عز للإسلام والمسلمين، وردع للشرك والمشركين، ولولا الجهاد لظهرت الفتن وانتشر الفساد؛ لذلك قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (١)، ويقول شيخ الإسلام: "إن الجهاد هو القدرة في حصول محبوب الحق ودفع ما يكرهه الحق" (٢)، فمحبوب الحق هو الإيمان والتوحيد، وما يكرهه الحق هو الكفر، فكان الجهاد قتال الكفر لحصول التوحيد؛ لذلك كان من أسباب التمكين في الأرض وإذلال الشيطان وأعوانه، وفي الحديث: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" (٣).

ولأن الجهاد فُرض لإزالة العوائق التي تقف أمام نشر الإسلام فقد حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على ذلك؛ لأنه عبادة وأجره عظيم وعز ونصر للإسلام، فقد أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته ثمانية وثلاثين بين بعثة وسرية (٤) كلها لأداء مهمات جهادية، منها سرية زيد بن حارثة إلى القردة (٥) حين أصاب عير قريش وأعجزه الرجال، فقدم بها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٦)، وكذلك بعثة عبدالله


(١) سورة الأنفال، الآية: ٣٩.
(٢) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ١٠/ ١٩٣.
(٣) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب كراهية ترك الغزو، رقم ٢٥٠٤، ص ٣٦٢ حديث صحيح (الألباني، المشكاة، رقم ٣٨٢١، ٢/ ١١٢٤).
(٤) انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، ٢/ ٥١٣.
(٥) القردة: ذو القردة: من أرض نجد، وقيل: ماء، وقيل: هو موضع بين المدينة والشام. (انظر: معجم البلدان، الحموي، ٤/ ٢٤٨).
(٦) انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، ٢/ ٤٦.

<<  <   >  >>