للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشعر ليس بالهين، فليس كل أحد يستطيع أن يصبح شاعراً، يقول الأصمعي: "الشعر ما قل لفظه ودق معناه ولطف، الذي إذا سمعته ظننت أنك تناله، فإذا حاولته وجدته بعيداً" (١).

لقد كان في الصحابة عدة شعراء يدافعون عن الإسلام وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -، منهم: حسان بن ثابت، وعبدالله بن رواحة، وكعب بن مالك، وعبدالله بن جحش، وأخوه عبيد وغيرهم (٢)، فكانوا مجاهدين بألسنتهم مع أسنتهم، ومع قلة عدد الشعراء المسلمين مقارنة بالمشركين إلا أنهم - رضي الله عنهم - دافعوا عن الإسلام دفاع الأقوياء ورفعوا أصواتهم بنصرة الدين حتى بلغت أشعارهم جميع العرب في ذلك الوقت، فكانوا دعاية للإسلام ودعوة له. وقد حوربت دعوتهم بالمثل من قِبل المشركين فكانوا يجندون شعراء للرد والتشويه على الإسلام، وقد ذكر الله - سبحانه وتعالى - حال شعراء المشركين وشعراء المؤمنين في سورة الشعراء، قال تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (٣)،

ويذكر الحاكم في المستدرك: أن أبا الحسن مولى بني نوفل قال: إن عبدالله بن رواحة وحسان بن ثابت أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت: {طسم} الشعراء يبكيان وهو


(١) نضرة الإغريض في نصرة القريض، المظفر بن الفضيل العلوي، ص ١٠.
(٢) انظر: دراسات في أدب الدعوة الإسلامية، محمود حسن زيني، ص ٥٥.
(٣) سورة الشعراء، الآيات: ٢٢٤ - ٢٢٧ ..

<<  <   >  >>