للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسعودي أنه كان يترجم للرسول - صلى الله عليه وسلم - بالفارسية والرومية والقبطية والحبشية، تعلم ذلك بالمدينة من أهل هذه الألسن.

ولولا أهمية اللغة في التواصل وإيصال المعلومات والدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى - لما اهتم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا الجانب، إلا أنه يعلم ما له من تأثير وقوة في مجال الدعوة إلى الله. وقد سلك هذا المسلك صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الاستفادة من لغة المدعوين، وإن كان أكثر المدعوين من المشركين هم عرب في الأصل، فلغتهم هي نفس لغة الصحابة، إلا أنه تم الاستفادة ممن لديه لغة من لغات الأمم الأخرى في الدعوة، ومن أمثلة ذلك ما حصل من سلمان الفارسي - رضي الله عنه - فيما ذكره الترمذي أن جيشاً من جيوش المسلمين كان أميرهم سلمان الفارسي حاصروا قصراً من قصور فارس، فقالوا: يا أبا عبدالله، ألا ننهد إليهم، قال: دعوني أدعهم كما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاهم سلمان فقال لهم: إنما أنا رجل منكم فارسي ترون العرب يطيعونني فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا، وعليكم مثل الذي علينا، وإن أبيتم إلا دينكم تركناكم عليه وأعطونا الجزية وأنتم صاغرون، قال: ورطن إليهم بالفارسية وأنتم غير محمودين، وإن أبيتم نابذناكم على سواء (١)، وكان المسلمون قد جعلوه داعية أهل فارس (٢).

فعلم الصحابة - رضي الله عنهم - أن دعوة الناس بلغتهم هي وسيلة لها تأثيرها في استجابة المدعوين؛ وذلك لكون التواصل بين المدعو والداعية مباشراً ويتم من خلاله


(١) جامع الترمذي، أبواب السير، باب ما جاء في الدعوة قبل القتال، رقم ١٥٤٨، ص ٣٧٥.
(٢) انظر: تاريخ الأمم والملوك، الطبري، ٢/ ٤٦٣.

<<  <   >  >>